والثاني: مقصور من لفظ الجلالة
من أوراد الطريقة الشاذلية الخاصة بهم ذكر
لفظ الجلالة مقصورا بأه أو آه ، ويقال له اسم الصدر والحلق ، وسمي به لأنه ذكر
الصدر والحلق، ولأن حروفه صدرية بلا واسطة اللسان ، وهل هذا الذكر جائز أم لا ؟
والذين لم يشتغلوا بالأذكار والأوراد وليس لهم بحث تام بالموضوع ينكرون هذا الذكر،
ويقولون الذكر بهذه الكيفية مخالفة للشرع . والأدلة التالية كافية لهم في رد
مقولتهم.
والاعتراض عليهم ممنوع لأنه قد سمع في لغة العرب ، كما قاله ابن
الشحنة في شرح الوهبانية، وذكر بعضهم أن قصر الاسم الشريف وعدم مده جار على لغات
بعض العرب كما قال العلامة الصبان في رسالته على البسملة نقلا عن أكابر العلماء أن
بعض العرب يقصره، قال وذلكينفع المسرعين في الذكر والذاكر اذا لهج باذكر وأسرع به
وتابعه التهب قلبه واحترق وزاد شوقه وتلهفه لللمذكور وقوي استحضاره كما هو المقصود
ولما كان الاحتراق له تأثير في باطن المريد وربما يزداد فيخشى عليه بسببه الإغماء
والتعويق جعلوا الذكر باسم الصدر وهو الاسم الشريف آه آه لذلك فيستريح بذكره،.
وقد نبه على هذا الاسم أيضا الشيخ البوني في
كتابه شمس المعارف الكبرى .
وزعم بعضهم أن الأصل فيه
( الهاء ) التي هي الكناية عن الغائب وذلك أنهم أثبتوه موجوداً في فطر عقولهم
فأشادوا إليه بحرف الكناية ثم زيدت فيه لام الملك إذ قد علموا أنه خالق الأشياء
ومالكها فصار ( له ) ثم زيدت الألف واللام تعظيما وتفخيما وعليه فالفتوى : يجوز
الذكر لله تعالى بأي اسم من أسمائه الحسنى وبما هو أصل للفظ ( الله ) بلهاء مشبعة
الحركة والساكنة : ( هو – ها – هي – هـ ) .
ومن الشائع في العربية عند الامتعاظ ( يا هو ) وهذا اللفظ له وجوده في بعض اللغات السامية كالعبرية وغيرها ومعناه يا الله وهذا ذكر اللسان وذكر القلب عند الصالحين أنفع .
وقال العلامة الخازن في تفسيره : لفظ الجلالة اسم جامع
لمعاني أسماء الله الحسنى كلها، وهو سلطان الأسماء كلها وله شرف زائد عليها ، وذلك
أنك لو حذفت اللام وجمعته نطقت اله، وان حذفت اللامين نطقت باسم آه ، واذا اسقطت
اللام والهاء نطقت باسم عظيم سرياني وهو أل ، واذا اسقطت الهمزة مع اللامين نطقت
بحرف اسم هو
وقال الشيخ مصطفى بن اسماعيل حبش المدني في
كتابه النصرة النبوية لأهل الطريقة الشاذلية ما نصه :ورأيت في رسالة لشيخ مشائخنا
العارف بالله تعالى سيدي الشيخ زروق رضي الله عنه في ذكر اسم الصدر ما نصه : قال
الشيخ الإمام محمد المغربي قال : كنت سائرا في البرية والآفاق فوجدت الشيخ ابا العباس
المرسي رضي الله عنه هو وأصحابه يذكرون الله تعالى بصدورهم دون ألسنتهم يكرون مثل
السباع فقلت لهم ما هذا الذكر فقالوا هذا ذكر اهل الحقيقة ، ثم هب علي نسيمهم ،حتى
سكرت كنه وأنا في ذلك السكر أتاني النبي صلى الله عليه وسلم والسيد الخضر فقلا لي
لي يا محمد هذا ذكر ملائكة الرحمن أتاهم الهاما من ربهم وهو ذكر أهل الفراسة
الصحيحة، اذكر به لا تنكر على أهله، فإنهم على حد من حدود ربهم، ومن أنكر عليهم
فقد أنكر الحق وأهله ،ثم أخذت ذلك الذكر منهم وذكرت به ، وقلت للناس به وكانوا
يجتمعون على هذا الذكر حلقا حلقا ووجدنا به خيرا كثيرا وفتحا عظيما.
سئل الشيخ أحمد شهاب الدين بن حجر الهيثمي – نفع
الله به و بعلومه عمن يذكرون الله قياما و
قعودا و بالأنغام الموسيقية يالتمطيط، و إظهار ما بين همزة ولام ألف ” إله ” و مد
الهاء من ” إله ” و يقولون ” هو ” ” و هي ” و يذكرون بالحلق و هو الحاء بأن يقولوا
” حي، حي ” و يرقصون في بعض الأحيان بالتواجد و الوثبات، و يغيبون عن إدراكهم و
يقعون على الأرض، و ينشدون الأشعار و أصناف الكلام المطرب المهيج المحرك للنشاط، و
غير ذلك مما يتعلق بأحوال المريدين من أهل الطريق عموما و خصوصا، هل هم حرام أم
لا؟ و هل لذلك أصل في الكتاب و السنة؟ و هل يجوز سب مشايخ الطريق أم لا؟ أفيدوا.
فأجاب
الشهاب بن حجر – رحمه الله تعالى – بقوله: يجوز الذكر بجميع الأنواع ب ” إيل، لاها
” لورود الشرع بذلك لأن ” إيل ” اسم الرحمن و ” لاها ” اسم المحبوب و لا يلزم ذكر
لا إله إلا الله إلا في الشهادتين و الأذان و التشهد، و يجوز الذكر ب ” هو، ها، هي
” و بالحلق و القلب، و يجوز الذكر بحرف واحد كما ورد في أوائل السور ” ككاف و هاء
و ياء و عين و صاد ” و يجوز الذكر بأسماء الله الحسنى، و يجوز الرقص بدليل فعل
الحبشة في المسجد بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم ينكر عليهم و كان رقصهم بالوثبات و الوجد، و حصل لعمر بن
الخطاب وجد حتى غاب عن ادراكه.
يتبع
No comments:
Post a Comment